داخل خيمة السيادة...
أرطغرل واقف، ينظر نحو مدخل الخيمة، كأن قلبه قد سبق عينيه في التعرّف على القادم. خطوات ثابتة تقترب. يدخل ترغوت ألب، يتقدمه ظلّه، كأنما الماضي والحاضر اجتمعا في هيئة رجل.
أرطغرل (بصوتٍ منخفض، تختلط فيه الدهشة بالفرح):
– كنت أعلم أنك ستعود... حين تضيق الأرض، لا يسعك إلا حضن القبيلة.
ترغوت (ينظر إليه بعينين حادتين، فيهما دفءٌ لا يظهر إلا في حضرة الأخ):
– لم أكن بعيدًا عنك يومًا، سيدي. جسدي فقط ابتعد... أما قلبي، فقد بقي هنا، في كل معركة خضتها، في كل صلاة رفعتها.
أرطغرل (يتقدم خطوة، يضع يده على كتف ترغوت):
– كم اشتاقت هذه القبيلة إلى فأسك... وكم اشتقتُ أنا إلى من يقاتل ظهري دون أن ألتفت.
ترغوت (يخفض رأسه):
– أقسم بالله، لن يُكسر سيفك ما دمت واقفًا. ولن يُداس شرف الكايي وفيّ رمقٌ من حياة.
أرطغرل (يبتسم ابتسامة خفيفة، ويقول بنبرة حاسمة):
– إذًا فلنعد كتابة التاريخ يا أخي... كما بدأناه معًا، سنُكمله معًا.
ترغوت (ينظر بعزم):
– اليد التي لا تخون... والفأس التي لا تكل. إلى النهاية، سيدي أرطغرل.
هل ترغب أن أضيف مشهدًا آخر يجمع ترغوت بأفراد القبيلة، أو موقفًا من إحدى المعارك بعد عودته؟
مشهد يجمع ترغوت بأفراد القبيلة بعد عودته سيُظهر الجانب الإنساني والعاطفي لشخصيته، ويزيد من عمق القصة. إليك مشهدًا دراميًا مؤثرًا يجمع ترغوت بأهل الكايي بعد عودته:
في ساحة القبيلة، مع الغروب...
اجتمع الناس كما لو أن الشمس قررت التوقف لتشهد اللقاء. كبار السن، النساء، الأطفال، وحتى المحاربين الذين ندرت دموعهم… كانوا جميعًا واقفين ينتظرون ترغوت، لا كمحارب، بل كأخ وابن وأسطورة عائدة من الغياب.
ترغوت يسير بخطى بطيئة، عيناه تبحثان عن الوجوه التي غابت، وتفرح بالوجوه التي بقيت.
سليمان، أحد الأطفال، يركض نحوه دون تردد، يحتضنه من ساقه الصغيرة:
– هل حقًا عدت يا عمي ترغوت؟ قالوا إنك في أرض بعيدة...
ترغوت ينزل إلى مستواه، يبتسم، ويضع يده على رأسه:
– عدت، يا صغيري... وعدت لأحميك، كما وعدت والدك يومًا.
ثم تتقدّم الأم هايماه، عيناها تلمعان بدموع لم تُذرف إلا في أشد اللحظات:
– رجعتَ يا ترغوت، والقبيلة عادت تنبض بالحياة... كنتَ كقطعة من القلب، غائبة، والآن عادت.
ترغوت ينحني احترامًا، ثم يقول بصوت خافت:
– كل أرض بعيدة لا طعم لها إن لم تكن فيها دعواتكم... عدت بدعائكم، وبشوقي لكم.
بامسي، الذي كان يراقب بصمت، يصرخ فجأة ضاحكًا:
– والآن، يا ترغوت، مَن سيجرؤ أن يتحدث عن الشجاعة في وجودي ووجودك؟!
ترغوت يضحك لأول مرة منذ زمن، ويفتح ذراعيه لبامسي:
– أخي في الضربات، وشقيقي في الضحكات!
يتعانقان، في مشهدٍ يُذيب وجع الغياب.
وفجأة، يُسمع صوت الطبول، ينطلق الأطفال يركضون، والنساء يزغردن، وكأن القبيلة كلها قررت الاحتفال لا بعودة رجل... بل بعودة روحٍ سكنت قلوبهم منذ زمن.
هل ترغب أن أتابع هذه القصة بمشهد معركة يظهر فيه ترغوت شجاعته بعد العودة؟
ليلة بلا قمر... على حدود أراضي الكايي
صوت حوافر الخيل يكاد لا يُسمع، والهواء بارد كحدِّ السيوف. الكايي يواجهون كمينًا على حين غفلة من مجموعة من المرتزقة أرسلهم أعداء القبيلة لإضعافها بعد أن علموا بعودة ترغوت.
المحاربون يتخذون مواقعهم، التوتر يخيم على الوجوه. وفجأة، من بين الصفوف، يتقدم ترغوت ألب... يحمل فأسه كأنما يحمل وصية الأرض.
أرطغرل (بصوتٍ قوي):
– اليوم، سيرى أعداؤنا أن العودة ليست مجرد لقاء... بل نهوض جبل!
ترغوت يعتلي ربوة صغيرة، ينظر إلى العدو بعين لا تعرف التراجع، ويصرخ:
– من جاء يبحث عن الموت... فليتقدم! فأنا، ترغوت ألب، لا أرحم من يهدد قبيلتي!
تبدأ المعركة... الأعداء يهاجمون بجنون، لكن ترغوت يتقدم إليهم كالإعصار.
يضرب أحدهم بفأسه المزدوج، فتتطاير الدماء، ويتراجع الآخرون. يلتف عليه ثلاثة، فيدور كذئب محاصر، لا يترك لهم فرصة للنجاة.
في لحظة فارقة، يسقط أحد رجال الكايي محاصرًا، فيندفع ترغوت نحوه كالسهم، ويرفع الفأس ليشق طريق النجاة له.
ينقذه، ويقول:
– لا أحد يسقط، ما دمت على قيد الحياة.
بامسي يقاتل إلى جانبه، يصرخ وهو يضحك:
– عدنا لنمرح في ساحة القتال كما كنا يا ترغوت!
وترغوت، دون أن يلتفت، يرد بصوتٍ هادئ:
– والويل لمن يقف في طريقنا!
مع شروق الشمس... كانت جثث الأعداء متناثرة، وصوت القبيلة يعلو بالتكبير.
وقف ترغوت في وسط الميدان، فأسه مغطى بالدم، وعيناه تلمعان بالعزم.
قال أحد الشباب الجدد من المحاربين هامسًا:
– الآن فهمت لماذا يسمونه أسطورة القبيلة...
تعليقات
إرسال تعليق